(نـ كـ بـ ـة)
(ن)
ما زلنا نكتبُ، نعيدُ الوحيَ مرةً أخرى في هذا الـ أيار المأخوذِ بزهرات قضمَها من نيسان المذبوحِ على الرمل، وما زادتِ الأسطورةُ عليه غيرَ التلونِ بالشقائقِ الحمراء، وتلونَ أيارُ بأزهارِ الرمان، وبقايا لسعةِ بردٍ تنفذُ في الهزيعِ الأخيرِ من الليل.
نستحضرُ الذكرى ونحُضِرُها وتحَضُرنا، ونعيدُ ضبطَ الذاكرةِ عند منتصف التمام من الوقت، لا أعلمُ لماذا يكونُ التمامُ عند الساعة الثانيةَ عشرةَ من ظهيرةِ كل منتصف ذكرى، وصار النصفُ خروبتَنا العجوز، والمنتَصفُ الآخر قيدَ حلمِ مشروع مُنتصِف، وربما أُفرّح نفسي، التي تسكنُ جُرنَ الفجيعة، والأحزانُ تَرِدُ حزنَها بلحظات ضيقة من الفرح، وتبتسمُ لمن اختارَ منتصفَ الشمس على منتصف القمر، والذي عادةً ما يجذب القصيدةَ إلى سروة عشق الناظم، ويعلقُها على جذعٍ لترقبَ لسعةَ البردِ المغلفةِ بصدفِ البحر، وتستقرُ إلى ما قبل النهر، وربما الحكمةُ من "تشعلق" قمةِ السروِ كي لا تعلقَ على حاجزٍ أو موانع التضاريس غير الطبيعيةِ المثقلةِ بتعابيرِ الغضب وعبريةِ اللغة.
(ك)
عشرون .... خمسون .... سبعون ... يا باصر، عُد إلى ما شئتَ من دهرِكَ واتركْ لي أن أعودَ إلى ما كتبتُه في الخمسين من الذكرى...هذا أنا ابن أمسِ وما تناهيتُ إلى هذه الموسميةِ إلاّ بعد أن تفتَّحتْ أوراقي على العشرية الرابعة... وتلتها سنواتٌ وما بينهما من آحادٍ تتلاصقُ حتى العشرية الخمسينية.
يا لهذي الديالكتيكية، التي ما زالت تحملُ عناءَ الحتمية، وما زالت تقضمُ أظافرَ الوقت، خدشاً على كعبِ القلم، وما خطّ التاريخُ من كُتبٍ، وعلى ما ذاب فيه العمرُ وما تبقى مما لَنا وعلينا، والاعتقادُ الذي أُتخِمنا به حتى بتنا نزينُ الشوارعَ احتفاءً بضدِ النكبةِ والتهارشِ على الإبداع في رسم مفتاحِ ولِدَ خلف بابه أطفالٌ وشابوا، وشهقت قربه أرواحٌ، وصدئت عليه السنواتُ والقلبُ ما زال يبيّض أظلافَه وبصيرتَه لعل امتطاء الحلم قريب!
(ب)
الريح، ما زالت تعلَقُ بها اصطكاكاتُ ألواح الزينكو، وتحملُ غبارَ أطفالٍ يعومون في العراء، يلوكونَ بأضراسهم النيئةِ ظهيرةَ الأيام، والريحُ ما زالت تئنُ حنجرتُها من سعالٍ ينُزُّ حزناً.. وجعاً، وتخفقُ هفته على خيمة يتساقطُ عمودُها...اختلفوا على جذره؛ من جميزةٍ أم من صنوبرِ الكرمل كان...عجوزٌ من خلف الأيام قال: من عظامٍ لم تجدْ خيمةً تؤويها .. وقيل من قلمٍ علقت عليها نبوءة كاتب.
(ـة)
17ع 48 ا 67 ئـ 82 د 87 و 94 ن 2000....ولكم دولةٌ يا أُولي الصبر، فانتظروا تحت فيء السنوات، لا يحزنُكم أصحابُ الشجرة.. على قمتها عالقون، وما لهم من دون الدُنُوِّ اقتراب ... ولا من خطوِ العودة يقتربون ... يحزنون في العام مرةً .. وما الحزنُ بذكرى تمضي .. إذا كان في الصدر هَرِمٌ مقيم.....ويعلق بشهقةِ العودةِ سؤال؛ متى نحتفلُ بزوال الذكرى؟!!